
BOOK
مقدمة كتاب الصحة النفسية في النظام القانوني الفلسطيني.
مراد عمرو
المركز الفلسطيني للأرشاد
2010
شغل موضوع التشريع والحقوق الأساسية للإنسان البشرية منذ فجر التاريخ، وتعود الوثائق الأولى في هذا الصدد إلى زمن ظهور الكتابة في حضارة ما بين النهرين( شريعة أور-نام 2050 ق.م، شريعة حمورابي، 1780 ق، م) ،كما وكان للحضارة الإغريقية ووريثتها الرومانية مساهمات مهمة في هذا المجال، ولا عجب أن نجد بان موضوع الحقوق والواجبات في العلاقة مع الأخر والله في مركز اهتمام الديانات التوحيدية التي شكلت المرحلة اللاحقة من تاريخ الحقوق والقانون العام، ابتداء من شريعة موسى وانتهاء بالشريعة الإسلامية التي يعتبرها بعض مؤرخي التشريع قفزة كبيرة في التشريعات المتعلقة بحقوق أسرى الحرب، والمرأة، الأمان الاجتماعي، البناء العائلي،وحقوق الأقليات والعبودية(1). لكن ليس واضح إلى أي حد يمكن أن نعتبر هذه التشريعات على أنها "حقوق إنسان" بالمفهوم الحديث.
أما نواة مفهوم حقوق الإنسان فيعتقد مؤرخي التشريع أنها مرتبطة بإصدار إعلان " الأثني عشر فقرة" 1525 م ،الصادرة عن فلاحي المناطق الإقطاعية في أوروبا الوسطى(2) ، لكن إعلانات الاستقلال اللاحقة للثورتين الأمريكية 1776م " إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية" ، والفرنسية 1789م " إعلان حقوق الإنسان والمواطن" كانت تضم ما يمكن أن نطلق عليه الحقوق القانونية، كما أن إعلان فرجينيا للحقوق 1776 قد طعم القانون بمجموعة من الحقوق والحريات المدنية الأساسية. وبقيت الفقرة الثانية من إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية- " ونحن نحمل هذه الحقائق لتكون جلية، ان جميع الناس خلقوا متساوين، وأنهم وهبوا من خالقهم حقوق معينة غير قابلة للتصرف، وأن من بين هذه الحقوق حق الحياة والحرية والسعي وراء السعادة" (3) -.من أهم الجمل في اللغة الانجليزية، ولطالما استخدمت تلك العبارة في الدفاع عن حقوق الأقليات والمهمشين منذ تللك اللحظة. كما أن هذه الوثائق التي برزت للوجود في القرن الثامن عشر أثرت بشكل مباشر على الجدل الفلسفي بخصوص حقوق الإنسان في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر، كما نجد لدى هيجل( 1770- 1831)، جون ستوريت ميل ( 1806-1873)، توماس بين ( 1737-1809). ولقد ظهر مفهوم " حقوق الإنسان" للاستخدام لأول مرة في كل من كتاب " توماس بين"، "حقوق الإنسان"، وكتابات وليم لويد غاريسون (1805-1879) في صحيفة " المحرر" . ويمكن الإيجاز بالقول بأن الفترة اللاحقة على هذه الحقبة من التاريخ شهدت جدل وتطور مستمر حول مفهوم وتطبيقات حقوق الإنسان، مرور بالجدل في القرن التاسع عشر حول موضوع العبودية، وانتهاء بإعلانات حقوق الإنسان الحديثة التي أعقبت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية والتي ركز الكثير منها على حقوق الإنسان في زمن الصراعات والحروب.
ويمكن مما سبق أن يستنتج المرء أن حقوق وواجبات الذات البشرية أو الذات subject (4) -التي هي مركز العلوم كافة- هي مركز موضوع الحقوق والتشريعات سواء في القوانين والتشريعات المحلية أو العالمية، فهذه الذات هي التي أنتجت هذه التشريعات وذلك في سبيل توفير الظروف اللازمة من اجل العيش الكريم، ويبدوا من أن كتابة تلك التشريعات منذ فجر الحضارة الدليل المؤكد على أنها القاعدة الأساسية للوجود الإنساني في محيطه وبيئته.
أما المدخل العلمي لمفاهيم الصحة النفسية في علاقته مع التشريعات المتعلقة بالحقوق فانه يمر حتما من خلال نظرية ماسلو بهرمها المشهور، والتي تفيد بأن أن الإنسان لديه بشكل عام هرم احتياجات أساسية يجب أن تتوفر له، أكثرها أساسية وحيوية في قاع الهرم، الحاجات الجسدية " الفسيولوجية" ، يليها الحاجة " للأمان"، وتنتهي في قمة الهرم بالحاجة ل" تحقيق" الذات. وبالنظر في هذه النظرية التي ظهرت في العام 1943 يتبين مدى أهمية التشريعات التي تحمي الحقوق الأساسية للإفراد والتي تساهم في توفير الظروف لتلبية هرم الحاجات المنصوص عليه في سبيل تحقيقهم لذاتهم. وبعبارة أخرى فأن التشريعات والقوانين الدولية التي تأخذ بعين الاعتبار تلك الحاجة الإنسانية الطبيعية، الفسيولوجية منها والنفسية المعنوية هي تشريعات مؤسسة لأي تشريع بشري في عصرنا الحديث. لكن نظرية ماسلو التي تضع هذه الحاجات بشكلها الهرمي الحاد، تلاقي بعض النقد القائم على التجربة والخبرة العملية، فالبرغم من عدم الاعتراض على المكونات نجد بعض العلماء يرفضون الطبيعة التصنيفية والترتيبية لهذه النظرية، ونجد في المقابل نظرية الحاجات الإنسانية الأساسية التي نعتقد أنها أكثر شمولية ووجودية من تلك التي لدى ماسلو، ولقد طور هذه النظرية التي تصب في صلب العلاقة بين التشريع والصحة النفسية.
وبناءا على نظرية الحاجات الإنسانية الأساسية التي خرجت للوجود على يد مينفرد ماكس-نيف، وطورها أقطاب مدرسة "تنمية المقياس البشري"، فأن هذه الحاجات الأساسية وجودية( تنبع من شروط الوجود الإنساني)، كما أنها عالمية وثابتة لكل زمان وثقافة بشرية، كما أنها نظام تكون فيه الأجزاء " هذه الحاجات" مترابطة ومتفاعلة فيما بينها، ولا تخضع لأي ترتيب أو هرمية كما هو حال نظرية ماسلو إلا في الحاجة الأساسية " حاجة الوجود / البقاء" التي تعتبرها الحاجة رقم واحد ، أو الشرط الأساسي للحاجات، وكينونة هذه الحاجة متمثلة في الصحة الجسدية والنفسية، التي يمكن الوصول إليها من خلال توفر (الغذاء، المسكن، والعمل). بهذه الطريقة يمكن الجزم بان التشريع أو القانون يتقاطع مع هذه الحاجة -المعبر عنها أيضا في قاعدة هرم ماسلو بالحاجات الفسيولوجية، والأمان- في الشروط الأساسية لوجود وبقاء الذات الإنسانية.(5)
ولا يصعب نتيجة لما سبق، أن نتصور مدى ضرورية التشريع المتمسك بحقوق الإنسان الأساسية للوجود، والتي تؤدي كما رأينا إلى توفر شروط الصحة الجسدية والنفسية. وفي المجمل يصبح أيضا من السهل تصور الرابط بين النظريات المختلفة للحاجات الإنسانية الضرورية بضرورة توفر تشريعات تكفل حق الأفراد في " البقاء، الحماية، العاطفة، التفهم، المشاركة، التمتع، الإبداع، والهوية" كما تعبر عنها نظرية الحاجات الإنسانية الأساسية، أو حق الفرد في " البقاء، الأمان، الحب والانتماء، التقدير، وتحقيق الذات" كما تعبر عنها نظرية ماسلو.
والحقيقة أن الحالة الفلسطينية في هذا الأمر تعتبر حالة خاصة، نتيجة لتداخل مصادر التشريع، والظروف الجيوسياسية التي تعيشها فلسطين أو الفرد الفلسطيني. وهذه الحالة توفر أرضية خصبة لدارسات التشريعات ومدى انسجامها مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان العامة أو المتعلقة بحقوق الإنسان في حالة الحرب أو تحت الاحتلال وهذا بالذات موضوع الكتاب الحالي.
في الوقت الذي نكتب فيه هذه السطور يستمر الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الوطنية الفلسطينية بشقيها المنقسمين في انتهاك الحقوق الأساسية للإفراد وعلى رأسهم الأحداث و الأطفال ولكن بدرجات متفاوتة، ويخلص التقرير الصادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان للعام 2010(6) للقول " استمرت حالة حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي بالتدهور على نحو غير مسبوق في كافة أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة على امتداد العام 2010" (7) ، ويشير التقرير عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بأن العام 2010 قد شهد استمرار للحصار المفروض على قطاع غزة، بالإضافة لأثار العدوان على قطاع غزة (2008-2009) حيث لا يزال عشرات الآلاف من ضحايا العدوان غير قادرين على مزولة حياتهم العادية وبناء بيوتهم المهدمة نتيجة العدوان، كما أنه لم يسجل أي تحسن ملحوظ في طبيعة التسهيلات التي تدعي إسرائيل إدخالها على حالة الحصار، وخصوصا دخول البضائع، فلم يشهد العام 2010 إلا دخول المزيد من المواد الاستهلاكية المتوفرة بكثرة في القطاع، في وقت منع القطاع من وصول مواد إستراتيجية مهمة في إعادة البناء. ويشير التقرير إلى استمرار العمليات العسكرية في القطاع خلال العام مما أسفر عن مقتل 72 شخصا من بينهم 5 أطفال وامرأة بالرغم من حالة الهدوء النسبي الذي شهدها القطاع فيء العام 2010 . أما في الضفة الغربية فقد قتل 17 شخص من بينهم 4 أطفال، واغلب حالة القتل المذكورة تمت في ظروف هدوء تام، واستمرت إسرائيل بالقيام بعمليات اقتحام عسكري للتجمعات السكنية، ومصادرة الأراضي، والاعتقال. ولم يكن الجيش الإسرائيلي المنتهك الوحيد للحقوق الأساسية للإفراد في الضفة بل شاركه في هذا الأمر المستوطنين الغير شرعيين القاطنين في مستوطنات الضفة الغربية، والذين يقومون بإطلاق النار على المزارعين وتخريب الحقول وترهيب العائلات.(8)
ويشير التقرير إلى أن عدد ضحايا الفلسطينيين منذ بداية الانتفاضة الثانية “سبتمبر/أيلول 2000” وحتى نهاية العام 2010 قد بلغ: 6546شخصا بينهم 5083 مدنيا من الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن بين القتلة المدنيين في المناطق المحتلة 1276 طفل/ة بنسبة 26% من مجموع القتلى، و 369 امرأة بنسبة 5.5%، كما وأصيب خلال نفس الفترة عشرات الآلاف من الأفراد، ومن أصل 17087 مصاب مدني في قطاع غزة، كان عدد الأطفال 5487. (9)
أما في الضفة الغربية فلا يزال 585 معيقا للحركة منها 65 حاجز عسكري دائم، 22 حاجز عسكري جزئي "حسب الحاجة" ، 80 بوابة في جدار الضم والفصل، 418 معيقا للحركة لا يتواجد فيه الجنود" متاريس طرق، تلال ترابية ، جدران ترابية، بوابات طرق، حواجز طرق، خنادق" . وشهد نفس العام مقتل 89 فلسطيني/ة على يد قوات الاحتلال والمستوطنين منهم 9 أطفال وامرأة واحدة وإصابة 509 شخص، وتأتي هذه الانتهاكات في ظل حالة من الهدوء العام في مناطق الضفة الغربية. (10)
أما بخصوص الاعتقالات فيشير التقرير أنه في نهاية العام 2010 كانت قوات الاحتلال تعتقل 6500 فلسطيني، منهم 251 طفل/ة ،و37 امرأة، حيث يؤكد التقرير في هذا الصدد أن أغلبية المعتقلين محتجزين في 22 مركز اعتقال اغلبها قائم في المناطق ال48 ، في تعارض واضح مع المادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تلزم الدولة المحتلة باحتجاز المعتقلين في السكان المحليين في الأقاليم المحتلة حتى انتهاء محكوميتهم. كما ويشدد التقرير على أن ظروف الاعتقال غير إنسانية ومن ذلك، غياب العناية الصحية، الحرمان من الزيارات العائلية، العزل وقضاء أوقات طويلة في الحبس الانفرادي.(11)
وفي تطور أخر يشير التقرير إلى أنه في تاريخ 13-ابريل/نيسان-2010 ، دخل الأمرين العسكريين الإسرائيليين( 1649 ، 1650 ) حيز التنفيذ، حيث يعتبر كل فلسطيني قاطن في الضفة الغربية متسلل تنطبق عليه العقوبات الوردة في أمر عسكري سابق صدر العام 1969 ، الذي يوقع عقوبة السجن و الإبعاد على المتسللين من الأردن، مصر، سوريا، لبنان. فالأمرين العسكريين تعرف المتسلل بعبارات غير واضحة، وبتعريف واسع يجعل ظروف التعريف تنطبق على طيف واسع من الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية المحتلة.(12)
أما بخصوص هدم المنازل والمنشآت، فيشير التقرير إلى أن جيش الاحتلال قام في العام 2010 في قطاع غزة بتدمير 48 منزلا تحتوي 88 وحدة سكنية تقطنها 79 عائلة، أو 435 شخصا بينهم 263 طفل، وفي نفس الوقت قامت ذات القوات بتدمير 35 منشأة صناعية، مدنية، تجارية، وقامت بتجريف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية المنتجة للمحاصيل الزراعية كالخضار والفواكه. أما في مناطق الضفة الغربية والقدس فقد قامت القوات الإسرائيلية بتدمير وهدم 194 منزلا منها 63 منزل في القدس الشرقية وضواحيها، وقد أجبر 15 من أصحاب البيوت المهدمة في القدس الشرقية لهدم المنازل بأيديهم. وفي ذات الوقت أصدرت تللك القوات المحتلة 1393 أخطار بالهدم في مناطق القدس الشرقية ومناطق (C) في الضفة الغربية المحتلتين. ومن المعروف أن السلطات الإسرائيلية تعمد لسياسة أجبار المواطنين لهدم منازلهم بأنفسهم مما يدفع بالبعض منهم لفعل ذلك تجنبا للمبالغ الهائلة التي تفرضها تلك السلطات بدل ترخيص للمبنى وأجرة آليات الهدم الإسرائيلية التي تفذ قرار الهدم.(13)
وفي الناحية الأخرى المتعلقة بالسلطة الوطنية الفلسطينية بشقيها المنقسمين في الضفة والقطاع، فأن التقرير يشير إلى انه "ما تزال حالة الانقسام والصراع السياسي في السلطة الفلسطينية هي العنوان الرئيسي لانتهاكات حقوق الإنسان وتدهور نظام الحكم وعرقلة عملية التحول الديمقراطي. .... وقد أدى الصراع السياسي إلى شرخ في مكونات النظام السياسي ... تجلى في استمرار وجود حكومتين وأجهزة أمنية وشرطية منفصلة...،وشلل المجلس التشريعي وانقسام القضاء. وتصاعدت انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الحكومتين في غزة ورام الله والأجهزة الأمنية التابعة لهما." ( 14).
ويوثق التقرير العديد الانتهاكات في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة:-
-
القتل والإصابات : مقتل 42 شخصا بينهم 6 نساء و3 أطفال، فيما أصيب 297 شخص.
-
ممارسات الأجهزة الأمنية: حملات استدعاء متكررة، أعتقال عناصر وأنصار الخصوم السياسيين، لم تراعي في الأغلب إجراءات قانونية تنظم عملية الاعتقال حسب القانون الفلسطيني والدولي لحقوق الإنسان، في الكثير من الأحيان منع المحامين من زيارة المعتقلين.
-
مؤسسة التشريع: واصلت سلطة حماس عقد جلسات المجلس التشريعي وإصدار قرارات وتشريعات بدون موافقة الرئيس.
-
مؤسسة الرئاسة : واصل الرئيس إصدار قرارات بقوة القانون، بدون عرض هذه القرارات على المجلس التشريعي.
-
النواب : تعرض النواب في كل من الضفة الغربية وغزة لحوادث ضرب ، أطلاق نار، تقيد الحركة، اعتقال ( 4 حالات اعتقال لنواب في الضفة ، 2 حالة اعتقال لنواب في القطاع).
-
القضاء : استمرارا تدهور عمل القضاء، وقيام سلطتي قضاء منفصلتين، استمرار العمل بعقوبة الإعدام القاسية: 12 حكما بالإعدام في قطاع غزة، 9 منها صادرة عن محكمة عسكرية، وبهذا يرتفع مجموع الأحكام بالإعدام منذ نشأة السلطة في العام 1994 حتى نهاية العام 2010 ل 112 حكما بالإعدام ( 23 حكم إعدام في الضفة، 89 حكم إعدام في القطاع.
-
حرية الرأي والتعبير: اعتداءات متعددة على الصحفيين وكتاب الرأي( اعتقالات ، احتجاز، استدعاء على خلفية الرأي والتعبير، إغلاق ومداهمة مقرات صحف ومحطات تلفزيون وإذاعة ، عرقلة عمل الصحفيين والاعتداء عليهم. في رام الله تم منع طباعة وتوزيع صحيفتي "فلسطين" و" الرسالة" وحضر عمل قناة " الأقصى"، أما في غزة حضر توزيع الصحف الفلسطينية الصادرة في القدس والضفة الغربية صحيفة " القدس" و"الحياة الجديدة" و"الأيام" ومنع العمل لصالح تلفزيون " فلسطين".
-
التجمع السلمي: منع الطرفين التجمع السلمي إلا لعناصرهم، ومورست إجراءات صارمة للتجمع حولت الإشعار بالاجتماعات العامة إلى ترخيص رسمي، القيام بإجراءات احترازية من قبل اعتقال واستدعاء لنشطاء الطرف الأخر.
-
حق تكوين الجمعيات : استمرار الجهود للسيطرة والهيمنة على منظمات المجتمع المدني، من خلال الترخيص و المراجعة للترخيص.
-
الأداء الحكومي: مارست بعض الوزارة في كل الطرفين أو أحدهم الضغط على الطرف الأخر، حيث شهد العام 2010 حرمان مستشفيات القطاع من الإمدادات من الإدوية و العلاجات والمستلزمات الطبية من قبل وزارة الصحة في رام الله. أما وزارة الداخلية في رام الله فقد حرمت العديد من المرضى الذين يحتاج للعلاج خارج القطاع من السفر، كما امتنعت عن تحويل جوازات سفر جديدة للقطاع مما ساهم في تعطيل سفر الكثير من الأفراد للعلاج أو أغراض أخرى. في حين أن وزارة الداخلية في قطاع غزة أقدمت على حرمان أعضاء من حركة فتح في السفر.
-
المجال الاجتماعي: برز في قطاع غزة محاولة فرض الحزب الحاكم لإيديولوجيته على المجتمع ألغزي في المجال الاجتماعي: محاولة فرض الحجاب على المحاميات، فرض قيود على مقاهي الانترنت، حملة الفضيلة من وزارة الأوقاف بما في ذلك منع عرض الملابس الداخلية في المحالات التجارية، محاولة فرض الحجاب على طالبات المدارس، قيود على المطاعم والمرافق السياحية لمنع اختلاط الرجال والنساء، ومنع تقديم النارجيلة للنساء.(16)
ويمضي التقرير خلال صفحاته 223 في سرد تلك الانتهاكات بالتفصيل والسرد، لنتعرف على الضحايا في ثنايا الصفحات بعيدا عن الأرقام، ولندرك كلما تقدمنا بالقراءة بأن كل افراد الشعب الفلسطيني القاطن في المناطق الفلسطينية المحتلة بغض النظر عن جيله أو جنسه أو موقع الاجتماعي أو السياسي عرضة لكافة أشكال انتهاك حقوقه الإنسانية الأساسية. والواقع أن ذات المركز يصدر بشكل أسبوعي تقرير مفصل لحالات انتهاك حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة خصوصا تلك التي ترتكبها دولة إسرائيل بكافة مكونتها وشرائحها وإجهزتها. وفي كل الأحوال رأينا أن نعرض لهذا التقرير السنوي لكي يكون القارئ على أطلاق بالحالة الراهنة والوقع الفعلي لحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة.
أما الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ ، فأنه في الأساس عرض لحالة القوانين والتشريعات المعمول بها في في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة المحتلة، سواء تلك التي تطبيقها إسرائيل أو تلك التي ورثتها السلطة الفلسطينية وقامت بالتعديل عليها من خلال المجلس التشريع ومؤسسات التشريع والقانون المختصة وعلاقة هذه التشريعات بالصحة النفسية للمراهقين والأطفال في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وحقيقة أن هذا الكتاب مسح شامل لتلك التشريعات الموجودة، يوقعه في نقص هام فيما يتعلق بالقوانين والحقوق الإنسانية للأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية خصوصا فيما يتعلق في غياب التشريعات المحددة لممارسة الطب والعلاج النفسي والتي تحمي ذوي الاضطرابات المذكورة في تجنب الأخطاء أو سوء الاستخدام للعلاج أو الطب النفسي في فلسطين، والواقع أن تلك الممارسات كثيرة وتؤدي في الكثير من الأحيان لنتائج كارثية، أو تضر بسير علاج المريض/ة من خلال وضع حياته أو جودتها أو كرامته على المحك.
ومن الأمور الملفتة للنظر في هذا الكتاب الذي يعالج وجود وغياب التشريعية التي تهتم بتوفير الظروف الإنسانية من أجل صحة نفسية أفضل، يبرز إلى السطح أمور ذات شان قانوني وأخرى ذات بعد أجتماعي ثقافي نرى أنه لا \بد من التطرق إليها ولو بشيء من الإيجاز.
أولا : الاختلاط والتضارب في مصادر التشريع الفلسطيني، فنجد أن الوضع التشريعي والقوانين القائمة هي عبارة عن تركيبة غريبة في أغلبها تعود لحقب من الاستعمار والاحتلال والوصاية، فنجد جزء من تلك القوانين عثماني قديم، وأخرى قوانين انجليزية من زمن الاستعمار، يضاف إلى كليهما قوانين أردنية مطبقة في الضفة الغربية، وأخرى مصرية مطبقة في القطاع، وتأتي الأوامر العسكرية الإسرائيلية لتكمل تلك التركيبة، وأخيرا بعض التشريعات الفلسطينية. فيمكن ساعاتها القول أن الوضع التشريعي القانوني الفلسطيني هو مخلوق مسخ يطغي عليه مبادئ وقوانين المحتل أو المستعمر أو الوصي، وتبدوا فيها التشريعات الفلسطينية محاولة معدودة تحاول أن تتغطي النقص.
ثانيا: ليس من الصعب على أي قارئ ناقد أن يستخلص بسهولة أن القوانين والتشريعات التي يتعرض لها الكتاب والمتعلقة أساسا بالأطفال، الأحداث والنساء، هي قوانين متأثرة جدا بالطبيعة الذكورية الأبوية للمجتمع الفلسطيني، فنجد هذا القانون يتدخل في الحياة الشخصية للإفراد كما هو حال الفقرة 33 من قانون الأحوال الشخصية للعام 1976 حيث يبطل الزواج بين المسلمة وغير المسلم، و يبطل زواج المسلم من غير الكتابية، في تميز واضح على أساس الدين، كما أن قوانين الأحوال الشخصية تميز بين الرجل والمرأة حيث يجعل الطلاق في يد الرجل، كما أنه يعاقب المرأة على إجهاض المرأة لنفسها، لكنه يخفف العقوبة على ما يطلق عليه جرائم الشرف، ولا يجعل من اغتصاب الرجل لزوجته جريمة تستحق العقاب. وهو أمر لا يمكن أن يخفى عن العين خلال مراجعة القوانين والتشريعات التي يتعرض لها الكتاب في الحقوق المتعلقة بالطفل والحدث و المرأة.
ثالثا: وتبرز في التشريعات الفلسطينية اللاحقة على قيام السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994 عبارات مبهمة تشير في كثير من التشريعات المتعلقة بحرية الرأي والتعبير أو حرية التجمع والمشاركة في الانتخابات وهي عبارات " وفقا لأحكام القانون"و"وفقا للقانون" وفي حدود القانون"، مما يفتح الباب واسع أم تفسيرات وقراءات مبهمة قد تستخدم في حالات خاصة لصالح السلطة التنفيذية.
رابعا : يخلص الكتاب إلى أنه وبالرغم من القوانين والتشريعات الفلسطينية التي تنص على عدم التميز بين الفلسطينيين أمام القضاء بناء على العرق ، الجنس، الدين، اللون، الرأي السياسي، أو الإعاقة"، غير أن الواقع التشريعي يشير إلى غير ذلك، حيث نجد التشريع يميز في حالات مثل الولاية في الزواج، تعدد الزوجات، قرار الطلاق، الشهادة أمام المحاكم أو على العقود، الميراث، الجنسية.
خامسا : نجد بشكل صادم مدى تهاون المشرع الفلسطيني مع الاعتداءات الواقعة ضد القاصرين، أو تخفيف تلك العقوبات بالرغم من فداحتها، فنجده يجعل من سن الزواج القانوني مبكر جدا ومعتمد على دين الفرد تاركا في ذلك مصير الفتاة كما الشاب الفلسطيني المسئول من القانون الفلسطيني فريسة سهلة لرأي رجال الدين الذين أو الوالدين متجاهل بذلك الأضرار الجسدية والنفسية الكبيرة للزواج المبكر على الفرد. كما أن عقوبات اغتصاب أو ممارسة الجنس مع قاصر أو قاصر عقيمة وغير رادعة متجاهل بذلك عن وعي أو عدم وعي الأضرار المترتبة على الأمر. ونجد في البند المتعلق بتقديم المسكر للقاصر/ة أو دفعه لمزاولة التسول عقوبات تثير السخرية ولا تتناسب بالمرة مع الضرر وخطورة الجريمة. أما الصدمة والعار فنجده في البنود المتعلقة في القانون الذي يعاقب من يحث الأطفال أو القاصرين على الدعارة ، ولا يمكن التورع عن وصف العقوبة بالمهزلة الحقيقة، بل لا مبالغة أن قلنا أن العقوبة ليست قاصرة عن ردع الفاعل، ولكنه قد تشجعه على القيام بتلك التجارة، فالمال الذي يمكن أن يجمعه من هذه الممارسة سيفوق حتما أي عقوبة تقع عليه في حال كشف أمره.
سادسا: حقيقة أن إسرائيل تضرب بعرض الحائط كافة مواثيق حقوق الإنسان التي وقعت أو لم توقع عليها، وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة. ولا تتورع إسرائيل في هذا المجال أن تستخدم أي ذرائع ابتداء من خصوصية الحالة الفلسطينية، وبأن حالة الاحتلال القائمة في المناطق الفلسطينية ناجمة عن حرب دفاع عن النفس وانتهاء بقوانين الإرهاب. فالقانون الإسرائيلي في المناطق المحتلة فوق القانون الدولي وتحت مرأى ومسمع المجتمع الدولي.
في المجمل يمكن القول أن التشريعات والقوانين المعمول بها في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمتعلقة بضمان توفير شروط صحية نفسية للإفراد بشكل عام والأحداث والأطفال بشكل خاص بحاجة لمراجعة شاملةن مراجعة لا تقف فحسب على المعضلات التشريعية في تلك القوانين، ولكنها تتجاوز للبحث في النواقص وتطعيم القوانين الفلسطينية، وهو أمر ممكن إذا ما عرفنا أنه وخلال كتابة هذه السطور توصلت الأطراف الفلسطينية المتنازعة لاتفاق واعد من أجل الانقسام، مما يفتح الباب واسعا أما احتمال عودة المجلس التشريعي ومؤسسة الرئاسة للعمل، ويجعل من الممكن إعادة النظر في القوانين العالقة والمعروضة على المجلس التشريعي في الفترة السابقة على الانقسام. لكن الأمل الحقيقي يبقى أن المُشرع الفلسطيني سيميل ويتحيز لمواثيق حقوق الإنسان الدولية، مبتعد كل بعد ممكن عن التميز على أي أساس، ومتنصلا من علاقته مع السلطة التنفيذية في وضعه للقوانين التي تجبر هذه السلطة على استخدام كامل إمكانيتها في تبني الأطفال والأحداث والقاصرين والفئات الأكثر تضرر من الطبيعية الذكورية الأبوية للمجتمع الفلسطيني والعربي.
الهوامش والمراجع.
1)Watt. Muhammad at Medina and R. B. Serjeant "The Constitution of Medina." Islamic Quarterly 8 (1964) .
1) R. B. Serjeant, The Sunnah Jami'ah, pacts with the Yathrib Jews, and the Tahrim of Yathrib: Analysis and translation of the documents comprised in the so-called "Constitution of Medina." Bulletin of the School of Oriental and African Studies, University of London, Vol. 41, No. 1. 1978).
1) Maududi (1967), Introduction of Ad-Dahr, "Period of revelation".
2) http://en.wikipedia.org/wiki/Twelve_Articles
3) Kaufman, Mark (July 2, 2010). "Jefferson changed 'subjects' to 'citizens' in Declaration of Independence". The Washington Post. http://www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2010/07/02/AR2010070205525.html.
-
subject (EN) , Sujet (FR), ذات بالعربية، وهو مصطلح واسع الانتشار والأستخدام في العلوم على تنوعها، ويعني في الأساس الذات البشرية، ولكنه يعني ايضا الفاعل في بعض القواعد اللغوية مما يجعله أوسع من حيث أن الفاعل قد يشمل الحيوان أو الجماد حتى" النهر اغرق القرية ، أو أغرق النهر القرية"، لكنه في المفهوم الفلسفي القانوني الانساني يعني الذات كما عرفها ديكارت على أنها ذات واعية وقادرة على التفكير والشك.
-
Manfred Max-Neef, Antonio Elizalde, & Martín Hopenhayn. with the cooperation of. Felipe Herrera, Hugo Zemelman, Jorge Jatobá, Luis Weinstein (1989). "Human Scale Development: An Option for the Future." Development Dialogue: A Journal of International Development Cooperation. 1989, 1, 7-80.
-
التقرير السنوي للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان 2010 ، تحت الطبع، متوفر نسخة الألكترونية على العنوان التالي: http://www.pchrgaza.org/files/annual/arabic/Annual%202010.pdf
-
المرجع السابق
-
المرجع السابق
-
المرجع السابق
-
المرجع السابق
-
المرجع السابق
-
المرجع السابق
-
المرجع السابق
-
المرجع السابق
-
المرجع السابق
-
المرجع السابق
-
رابط الكتاب: http://www.mawared.org/ar/resources/mental-health-palestinian-legislative-system