أثني عشر أمراً كان سيجموند فرويد محقا بشأنها
- • بببلاك فليتود • جامعة نيويورك • ترجمة : مراد
- Aug 4, 2016
- 6 min read

أثني عشر أمراً كان سيجموند فرويد محقا بشأنها
بببلاك فليتود
جامعة نيويورك
ترجمة : مراد عمرو
أخصائي نفسي – رام الله
في السادس من مايو ( أيار ) يصادف عيد ميلاد سيجموند فرويد ( مولود في 1856). مضى ما يقارب ال 100 سنة منذ كتب فرويد العديد من كتبه وابحاثه المؤسسة بخصوص عقل الانسان – مستكشفا ومنظرا حول الاحلام، الثقافة، تطور الاطفال، الحياة الجنسية و الصحة النفسية. وفي الوقت الذي تم التخلي عن بعض نظرياته، فأن الكثير من الأفكار الرئيسية لفرويد التي تم تنقالها لازالة ذات مصداقية إلى اليوم، وبناء على ما ورد في مجلة الاكتشاف[1] فأنها خارطة طريق لدماغنا ولا تزال مفيدة ومقبولة- بطريقة أو بأخرى- من قبل كل المتعلمين/ات، الذين يناضلون من أجل قضايا المعرفة والداوفع البشرية.
يقص علينا فرويد قصة في النادر ما نرغب في سماعها: نحن لا نعرف أنفسنا. نحن لا نعرف في الواقع ما الذي يحفزنا أو لماذا نفعل ما نفعل. وليست أفكارنا الواعية إلا لمحة عن جبل جليد[2] حياتنا النفسية. في أحتفالية شهر رفع الوعي بالحياة النفسية الذي احتفلت به جمعية المحللين النفسين الامريكين[3] في أيار 2015، قدمت لنا الجمعية 12 هدية تركها فرويد لنا.
اللاوعي : لا شيء يأتي من الفراغ: لقد أكتشف فرويد بأن لا صدفة ولا حوادث. حتى المشاعر والافكار والاندفاعات والرغبات والاحداث و الأفعال التي قد "تبدو عشوائية" تحمل في الغالب معنى لاواعي مهم. فأي شخص وقع مرة في "زلة فرويدية"[4] تركته محرجا أو محتارا يشهد بأهمية المعاني اللاواعية لما نفعل أو نقول. ففي تلك المرة التي نسيت فيها " بشكل عرضي" مفاتحك/كِ في شقة المحبوب قد تكون صدفة؛ ولكنها أغلب الظن، على الأقل لا شعوريا، تعني أنك/كَ اردت العودة هناك من أجل التزود بالحب. من الاحلام مرورا بالهفوات الفرويدية وأنتهاء بالتداعي الحر- فان البحث في لاوعي المرء بالعادة كوسائل كشف للهومات [5]( التخيلات)، الصدمات أو الدوافع المخفية والمنكرة بقية مهمة لمعرفة حقيقة السلوك البشري.
الحياة الجنسية هي نقطة قوة وضعف كل واحد: الجنس محفز اساسي ومقام[6] لكل منا. وهذا بالذات ليس الرسالة أو العباراة التي يرغب كثيرون في سماعها. فبقدر قرفنا العالي من هذه المبادئ الدارونية الاساسية- التي قادت لإنتصار الجنس البشري على كافة الاجناس الاخرى- فأننا نقضي اغلب وقتنا في أنكار الجانب المظلم من حياتنا. وحتى الاشخاص الأكثر تحفظ والذين يظهرون أكثر أشكال التزمت، يناضلون بشكل كبير في مقارعة شهوتهم الجنسية والتعبير عنها. ويكفي المرء أن ينظر في الفضائح الكثيرة التي تهز الفاتيكان والكنائس المتعصبة والسياسين والمشاهير. لقد لاحظ فرويد بسهولة هذا الكفاح الشهواني في فينا الفكتورية واستنبط بشكل سهل نظريته منه.
السجار ليس سجار فقط ( إلا عندما يكون فقط كذلك): من الافكار المقبولة بشكل واسع في علم النفس المعاصر أن كل شيء محدد بمجموعة من العوامل وذو دلالة خاصة بالنسبة للأفراد. لهذا فأن بالصعوبة بمكان تحديد شيء بشكل سهل وواضح. لهذا فهل السيجار مصاصة. أوكي، أو قضيب ؟ ربما. سيجار؟ أكيد. بالرغم من ذلك، فأن القلائل من المختصين سيجادلون بأن هناك تطبيقات عميقة لأي من المعانة المطروحة هنا. لا جدال هنا . لهذا تفضل وخذ سيجارا.
كل جزء من الجسد هو أروتيكي" شهواني": لقد عرف فرويد بأن الكائن البشري مجنس منذ البداية. لقد أخذ إلهامه في هذه القضية من الطفل الذي يرضع من ثدي الأم ليصور مثالا على الجنسانية الناضجة، بالقول " لا يستيطع أي شخص، رأى طفل يغرق في النوم وقد توردت خذوده واعتلت وجهه ابتسامة سماوية بعد أن رضي من الرضاعة، ان يتهرب من الفكرة القائلة بأن هذه الصورة تبقى نموذج التعبير عن الرضى الجنسي في الحياة اللاحقة". وقلد عرف فرويد أيضا، بان الأثارة الجنسية ليست مقتصرة فقط على الاعضاء الجنسية، فالمتعة يمكن الحصول عليه من خلال التعلق الشهوني بأي اعضاء الجسد الأخرى المتفردة، وبأن المتعة بالذات ليست مقتصرة بالعلاقة الحجنسية الحميمة بين رجل وامرأة. حتى في زمننا الحاضر فأن كثيرين لديهم صعوبة في قبول هذه الفكرة.
التفكير هو طريق إلتفافي من التمني: لقد أكتشف فرويد بان مجرد فعل التفكير ( التمني و التخيل) هو بحد ذاته مشبع. في الواقع، فان ما يلاحظه المعالجين والمحللين النفسين بشكل مشترك هو بأن الخيال ( الهوام) أكثر تحقيقا للتحفيز نفسيا وجسديا من الأفعال الواقعية التي تدور حولها الهومات. فهل من غرابة بأن الواقع لا يرقى لنفس شدة وحيوية الهوام؟ أن ملاحظة فرويد بان المحاولة البشرية للهوام حول الأشياء في الواقع هي أساس عملية التخيل كما يقبلها علماء الاعصاب المعاصرين.
الكلام يُشفي: " إذا ما تحدث المرء، خف الألم" من محاضرات فرويد التقديمة الخامسة والعشرين. سواء كان العلاج الفردي مستند للتحليل النفسي الفرويدي أو لأشكال علاج كلامي أخرى، فان الدليل واضح بأن الكلام يساعد في التخلص من الاعراض العاطفية وتقليل القلق وتحرير عقل الأنسان. وفي الوقت الذي قد يكون فيه التداوي والعلاج القصير في بعض الاحيان مفيدا في التخفيف من الاعراض، فأن العلاج بالكلام يستخدم الاداة القوية للعلاقة العلاجية. فالشخص كله منخرط في العلاج وليس فقط مجموعة أعراضه أو تشخيصه، لهذا فان التغيرات الاعمق والاطول أثرى تصبح ممكنة.
أليات الدفاع: أن مصطلح " وسائل الدفاع" قد أصبح جزء كبير من فهمنا الأساسي للسلوك البشري لدرجة أننا نتعامل معها على أنه بديهي. هذا أيضا، مصطلح طوره ونظره آل فرويد( سيجموند وأبنه أنا). بالنسبة لفرويد، وسائل الدفاع هي استراتيجيات نفسية يتم تشغيلها من قبل العقل اللاواعي من اجل التلاعب أو الأنكار أو تشويه الواقع في سبيل الاحتماء من مشاعر القلق و/أو الدوافع الغير مقبولة. ضمن وسائل الدفاع الكثيرة التي صكها فرويد، على سبيل المثال، الكبت، العقلنة، الأسقاط، لكن الأنكار يبقى ربما الاكثر شهرة. فالانكار رفض صريح لقبول أو الاعتراف بأن شيء ما قد حصل أو في طور الحصول. قد يكون الأنكار شخصي، مثل انكار الادمان أو ألالم الناجمة عن خبرة شخصية- ولكنه يمكن أن يأخذ شكل أنكار الظواهر العلمية والاجتماعية والثقافية – على سبيل أنكار الاحتباس الحراري أو النكبة[7].
مقاومة التغير: أن انماطنا العقلية والسلوكية تقاوم التغير بشكل تلقائي. أنه جديد، أنه مثير للخوف، وغير مرحب به – حتى عندما يكون تغير للأفضل. لقد فهم التحليل النفسي هذا المبدء كلي القدرة بشكل صحيح، ووجد الادوات التي تكشفه للوعي وتهزم قدراته العنيدة في خلق الحواجز في طريق الحركة للأمام، لكل من الافراد والمجموعات.
الماضي يؤثر على الحاضر: قد تبدوا هذه العبارة بالنسبة لنا بديهية في العام 2015[8] ، لكنها قبل مائة عام كانت لحظة " يااااه" بالنسبة لفرويد[9]. في وقتنا الحالي، فأن الكثير من نظريات فرويد عن التطور لدى الاطفال و تاثيرات الخبرات الحياتية المبكرة على السلوك في وقت لاحق تساهم بشكل كبير في علاج المرضى الذين / اللواتي تعلق حياتهم في أنماط سلوك تكراري متكرر.
التحويل: واحد من الامثلة على تاثير الماضي في الحاضر هو مفهوم التحويل، الذي هو مفهوم أخر مستخدم ومفهوم بشكل واسع في الممارسة النفسية المعاصرة والذي قدمه فرويد. ويتعلق التحويل بمشاعر وأمال و هومات ومخاوف قوية في علاقتها مع علاقتنا الطفولية المهمة والتي تستمر بشكل لاواعي، وتأثر على العلاقات الحاضرة.
التطور : التطور البشري يستمر عبر دورة الحياة، وتعتمد الحياة الناجحة على القدرة على التكيف والسيطرة على التغير في طريق كل منا. كل مرحلة جديدة من الحياة تأتي بتحديات وتوفر الفرص لأعادة تقيم اهدافنا وقيمنا الاساسية.
ثمن التحضر( التمدن) هو الانقطاعات العصبية: يقول فرويد،" الميل للعدائية يشكل المعيق الاكبر للحضارة" القليل من المفكرين أستطاعوا أن يروا العنف البشري بذات الطريقة الشجاعة التي لدى عند فرويد. وفي الوقت الذي كان صدى أزيز بنادق أوغست يسمع والعداء للاسامية الاوروبي ينموا بشكل واسع كتب فرويد قلق في الحضارة ( 1929) معلنا بأن : الأنسان ذئب الانسان. من ... سيكون لديه الشجاعة للاحتجاج على هذا الاعلان؟" " ليس الأنسان مخلوق لطيف يريد أن يكون محبوبا". لقد كتب فرويد في ال 1929 بكلمات لاتزال تؤدي نفس المعنى في يومنا الحاضر، " لكنه ( البشر) مخلوقات فطرتهم العدائية" ونحن نستمر في مقابلة العدو الموجود فينا. في المقابل أذا لم نتغير ماذا عساه يحل بحضارتنا.
لقد هاجم ومنع المحتلين النازين فرويد في الحرب العالمية الثانية، وكذلك فعل الشيوعين ما بعد الحرب. محرر جريدة النيوريوك تايمز دايفيد ريمينك يقتبس أحد قادة حماس قائلا بان أسرائيل يحب أن تدمر لأن " الاعلام – مسيطر عليه من قبل اليهود. فرويد، يهودي، كان الشخص الذي دمر الاخلاق."[10]
لكن فرويد لم يحب أمريكا. لقد أعتقد بان الامريكان قد قننوا جنسانيتهم في وسواس غير صحي بالنقود. ولقد كتب لصديق الماني بعد الحرب العالمية الأولى . " إليس محزننا ، أننا معتمدين ماديا على هؤلاء الوحوش، الذين لا يشكلون طبقة أفضل من البشر؟ ". لكن المثير للسخرية أن امريكا في النهاية ، أصبحت المخزن المفضل لميراث أفكار فرويد الاكثر جمالا[11].
Disocery magazine [1]
.[2]يصور فرويد الحياة النفسية على أنها جبل جليد في البحر، تبدوا قمته التي تمثل اللاوعي فقط منه ، للناظر، والتي بالعادة تكون صغيرة نسبيا مقارنة بجسمه الكبير والضخم والذي يمثل للاواعي
APA[3]
[4] زلات اللسان و القلم والاخطاء في الحياة اليومية تمثل واحد من مظاهر تجليات اللاوعي في الحياة اليومية، أنظر كتاب سيجموند فرويد " علم نفس الحياة اليومية"
[5] الفانتزي، المعنى الأقرب في العربية هو الهومات.
[6] المقام في المعادلة مقابل البسط في الرياضيات.
[7] يستخدم الكاتب الذي يبدوا أنه يهودي صهيوني الهلوكست، تم استبدالها بالنكبة الفلسطينية للمعنى.
[8] تاريخ المقال هو مايو أيار 2015
[9] اشارة لحداثة الاكتشاف.
[10] واضح الميل الصهيوني للكاتب سواء كان يهودي أو لم يكن، وواضح أنه يستغل المقالة في أكثر من مرة ليظهر صهيونيته، وحري بنا هنا أن نقول بأن فرويد رفض الصهيونية ومخططات لأقامة وطن قومي لليهود في فلسطيني، ونجد هذا الموقف في رفضه لحضور احفتال افتتاح الجامعة العبرية في القدس في ال 1928، حيث يعتبر العرب امة بتاريخ وبان أقامة دولة أسرائيل على أراضيهم سيكون خطأ فادحا لأنهم لن يرضوا بهذه الأهانة. ولابد من التنويه أيضا أن الرقم 12 هو رقم توراتي أنجيلي بامتياز لأنه يرمز لأسباط اسرائيل ال 12 وتلاميد المسيح ال 12.
[11] هذا الادعاء يحافي الحقيقة فلقد تم تحوير الافكار الفرويدية في المدرسة التحليلة الامريكية، وهو ما دفع جاك لكان لاعتبار علم نفس الانا الذي طورته أنا فرويد والمحللين النفسين الامريكين نوع من التشويه للفكر الفرويدي، وهو ما جعل لكان يقول: أنا من قراء فرويد، ولا زالت المدرسة التحليل نفسية الناطقة بالانجليزية تعتبر الفكر اللاكاني مجافي لفهم للنظرية الفرويدية.
Comments